على إثر البيان الصحفي الذي أصدرته منظمتنا في الثامن والعشرين من شهر مارس المنصرم، والذي أدانت فيه الصيغة التي استخدمت في عقد زواج بمدينة وادان، في ولاية آدرار، وبعد ما حصل من استنكار واسع في الرأيين العام الوطني والدولي لهذه الصيغة الاستعبادية المدانة، اختارت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان الاستمرار في نهج الإنكار، والانخراط في سياسات الوقوف في وجه مسار التحرر الذي تسلكه منظمتنا منذ أكثر من ربع قرن، بنت فيه رصيدا من النضال والمصداقية، تظن اللجنة المدفوعة بهواجس مختلطة للقائمين عليها أن بإمكانها التشويش عليها، ولكن هيهات!.
إن منظمة نجدة العبيد وقد اطلعت على البيان المؤسف الذي قرأه رئيس اللجنة وقدم فيه ما اعتبره نتائج تحقيق أعد على نار الرغبة في تكريس الاستعباد، يهمها تسجيل ما يلي:
1. واكبت المنظمة قضية صيغة عقد وادان بذات المنهجية التي تتابع بها مختلف قضاياها وملفاتها الموجودة بالعشرات أمام القضاء، وقد تأكدنا من تداول الصيغة الاستعبادية في العقد (أو الصفقة كما هو موثق عندنا)، وأدنا ذلك في بيان استخدمنا فيه العبارة الدارجة المعروفة (لفيظة)، حرصا على الدقة، وعاب البعض على البيان عدم فصاحتها (في النجدة نفضل فصاحة الفعل والعمل على فصاحة القول).
2. في اليوم التالي زار وفد من الأهالي المعنيين بالزواج مقر المنظمة في أطار، معترفين بتداول الصيغة خلال العقد، ومحاولين شرح سياقاتها، وفهمها في إطارها التقليدي، قبل أن تتدخل الأيدي والألسن التي تعودت الإنكار وتشويه المناضلين ضد العبودية، وتشرع في توزيع روايات متضاربة جاء بيان اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان الغريب ليحاول إضفاء مصداقية عليها في بيان التحقيق المزعوم الذي أنجز "في خمسة أيام" بدون الاستماع لمنظمتنا، برغم وجود ممثليها في أطار حاضرين جاهزين للتعاطي مع كل الجهات الباحثة عن الحقيقة، والساعية لإنفاذ القانون. وكان يفترض أن تكون مقابلتهم، والحصول على المعطيات التي لديهم منطلق أي تحقيق جاد، عن قضية هم مصدرها الأول!.
3. إنه لأمر غريب حقا أن تفشل لجنة جهزت نفسها على عجل، لتأخذ دور الخصم والحكم في قراءة البيان الذي زعمت أنها ذهبت للتحقيق في فحواه فها هو رئيسها يقول – بالصوت والصورة - وعلى رؤوس الأشهاد إننا قلنا في البيان إنه (تم تمجيد العبودية والاستهتار بكرامة الإنسان من خلال تقديم خادم كجزء من المهر في عقد قران بين أسرتين في وادان). والحقيقة، أن هذا النص الوارد في بيان اللجنة، وقرأه رئيسها مختلق، ولا علاقة بالبيان الصادر عن المنظمة، ولا ندري من أين أخذه؟ فما ورد في بيان المنظمة المتداول على نطاق واسع، هو أنه (تمت لفيظة صغة الاتفاق المسمى على المهر (صداق) مقداره "خادم" إضافة إلى قطعة من الإبل، وفرس، متباهين ومؤكدين أن هذا جزء أساسي من "التراث"، والخصوصيات الهامة للمجموعة).
4. إن من يعجز عن التثبت في بيان منشور على نطاق واسع عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وزعم أنه هو منطلق تحقيقه، غير مؤهل للسعي في أي تحقيق آخر، وهو مطالب بالاعتذار، وبتعويض ما صرف من ميزانية عمومية في مهمة "أخذه الاستعجال" إلى نتائجها عن تحديد طبيعتها، وعن احترام أبجديات التحقيق فيها.
5. لم يفاجئنا، لجوء رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان لاستخدام نفس العبارات والدعايات التي اعتاد الاستبعاديون رفعها في وجه دعاة الحرية والمساواة، كالحديث عن المتاجرة، والاستغلال، وغيرها من الاتهامات المتهافتة التي أثبتت الأيام زيفها، وذلك ما دام قد اختار السير في ركب الإنكار، والوقوف في وجه مسار التحرر واحترام كرامة الإنسان. إنها فرصة لنا في منظمة "نجدة العبيد" لنعلن للرأيين العام الوطني ما يلي: 1. نجدد التأكيد على صحة ما ورد في بياننا الصادر يوم 28 مارس، من استخدام (لفيظة) "خادم" ضمن مكونات المهر في عقد الزواج الذي جرى في وادان، كما نجدد ثقتنا في مصادرنا، وآلياتنا المعتمدة للتحقق في كل القضايا التي تتعامل معها المنظمة ضمن جهدها الحقوقي، والتي اعتمدناها منذ أكثر من ربع قرن، قبل أن تتأسس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان. 2. نثمن ونشكر، الهبة الاستنكارية الواسعة لهذه الصيغة التي تمتهن كرامة الإنسان، وتعتدي على إنسانيته، ومن كل الأعراق، والألوان، والفئات، والقناعات السياسية، وذلك إيمانا منهم بخطورة انتهاك الكرامة الإنسانية. ونجدها فرصة للتذكير، على ما دأبت عليه منظمتنا طيلة مسارها، من اعتبار جريمة الاسترقاق، جريمة قاصرة، تتعلق بمن ارتكبها، وهو المسؤول عنها، دون تجاوزه إلى غيره، سواء على أساس قبلي، أو عرقي، أو جهوي، أو غيرها من الانتماءات الأخرى. وأن المسؤولية في محاربتها مسؤولية الجميع من كل الأعراق والجهات، والقناعات.
3. نؤكد أننا سنعيد تقييم علاقتنا باللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بناء على بيانها المغالط والمستفز حول الموضوع، وأسلوبها التعريضي بالمنظمة، كما ندعو كافة المنظمات الحقوقية إلى القيام بتقييم مشابه، فليس من مهام لجان حقوق الإنسان، إنكار الممارسات الاستعبادية، والمسارعة إلى لتشكيك في الجرائم الحاطة من كرامة الإنسان. 4. نجدد الدعوة إلى الرقي بالممارسة الحقوقية، وإلى تجاوز أسلوب الإنكار والتشكيك، والاتهامات غير المؤسسة للمنظمات والنشطاء الحقوقيين، وإلى وقوف الجميع في وجه كل الممارسات الاستعبادية، لضمان بناء وطن لا تفاوت فيه ولا غبن، ولا تميز بين أبنائه.
المكتب التنفيذي
نواكشوط: 06 – 04 – 2021".