الثقافة الموريتانية بين مقولتين/ المرابط ولد محمد الخديم

خميس, 15/04/2021 - 13:19

تعرف موريتانيا في العالم العربي ببلاد المليون شاعر وارض المنارة والرباط  ومنذ استقلال مور يتانيا في ستينيات القرن الماضي وافتتاحها للمدارس والمعاهد والجامعة وتخرج مءات  الدكاترة والاساتذة من الجامعات العربية والدولية لم تحقق شيء يذكر...؟!  

  فمازلنا اليوم نعيش على أمجاد الشناقطة الأوائل: آب ولد اخطور محمد لمين الشنقيطي محمد محمود ولد التلاميد الشنقيطي ولاحقا  العلامة محمد سالم ولد عدود الشيخ حمدا ولد التاه الشيخ المحفوظ ولد بي محمد المختار ولد أباه الشيخ محمد الحسن ولد الددو  فهؤلاءرفعوا علم بلادهم في المحافل الدولية وهذا جهد مقدر ويحظى باهتمام ومتابعة. واسعة لكنهم لم يتخرجوا من المؤسسات التي تكلم عنها الوزير...!!

 والتي قال عنها معهد الإحصاءات التابع لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونسكو" : (إن "التعليم العالي في موريتانيا يتخلف كثيرا عن نظرائه في بقية الدول  العربية والافريقية" 

   فموريتانيا وتنزانيا وأريتيريا وغينيا الاستوائية في ذيل ترتيب الدول الإفريقية المهتمة بالتعليم العالي". )

وهذا يخالف كلمة الوزير  بمناسبة  انطلاق ملتقى طلابي، بين جامعة لبنان الدولية وجامعة انواكشوط العصرية  التي يقول فيها:( إن الطلاب هم عماد الأمة ومستقبلها واللبنة الأساسية التي تبنى عليها الدولة والمجتمع ويجب أن يساهموا في بناء وطنهم بالبذل والتضحية والتوجيه والإرشاد والتفرغ للتحصيل العلمي والاهتمام بما ينفعهم ويناسب تخصصاتهم الدراسية والتخلي عن المسلكيات الخارجة عن مسارهم الدراسي والضارة بمستقبلهم.)

   والاخطر من هذا  انه سن قوانين لانجدها الا في موريتانيا...؟!  

 فاي قانون ينص على ان التعليم العالي بتبع لوزير التعليم العالي يعين مايشاء ويقيل مايريد..!!

  رجعنا الى هذه القوانين فوجدنا ان المادة الأولى من القانون تنص على أن جامعة نواكشوط مؤسسة عمومية للتعليم الجامعي تحكمها مقتضيات الأمر القانوني رقم 007_2006 بتاريخ 20فبراير 2006م المنظم للتعليم العالي. 

المادة 34: ينتخب العميد لمأمورية مدتها أربع سنوات, قابلة للتجديد بالتتابع مرة واحدة. ورؤساء الاقسام...

وهي مكاسب ناضل اساتذة التعليم العالي من اجلها حوالي 30سنة...!! ثم تحديده لسن التسجيل في الجامعة بأن لا تتجاوز 25سنة!!  

 كتبت مواقع عربية ودولية عناوين: اذا تجاوزتَ 25 عامًا، يُمنع تسجيلك بجامعات في موريتانيا...!!

 مع ان اكبر طالبة على مستوى العالم هي البريطانية جوي ليسلي جيبسون، البالغة من العمر 90 عاما،!! 

  نحن لم نعد ذالك (لفريك) المعزول الذي تضمه اطناب الخيمة بل اصبحنا من ضمن القرية الكونية العالمية وعصر المعلومات ،الذي تتنامى فيه العمالة الفكرية على حساب العمالة اليدوية، وتتبدل فيه مقاييس التقدم ومعايير ارتقاء الأمم وتترك خصائصه آثارها العميقة على طرق التفكير، وأنماط العيش وسبل التخاطب, وأساليب التربية والتعليم, وقواعد السلوك وسائر العلاقات الاجتماعية والسياسية، والاقتصادية المحلية منها والإقليمية والدولية.

 قال الوزير: ان الانشغال بالشعر والسياسة لا يبني الدول!!  

لست شاعرا ولكن الثقافة منظومة متكاملة سواء كانت شعرا او نثرا او بحثا علميا..وماحققه الشعراء لموريتانيا من امثال: امير الشعراء ولدبمب ووصيفه ولد الطالب والمرحوم ولد بلعمش وادي ولد آدب وابو شجة ووصيف امير الشعراء الحالي ولد المامي. لم تحققه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ولا وزارة الخارجية...

ثم ان الملتقى الطلابي الذي افتتحه السيد الوزير  المنظم من طرف الجامعة اللبنانية الدولية بالتعاون مع جامعة انوكشوط العصرية ليس من المؤتمرات الدولية العالمية فالجامعة تعاني ايضا مثل جامعة انواكشوط العصرية ولم تجد لها موطىء قدم الا في موريتانيا!! وهي ليست من الجامعات الراءدة في المشرق العربي فقد كنت في دمشق واعرف جيدا تلك الجامعات!! حتى انني اتفقت مع جامعة مأمون للعلوم والتكنلوجيا الدولية في دمشق بفتح فرع لها في موريتانيا ولكن الظروف في 2005م لم تسمح بذالك..

  نسي الوزير المثير للجدل عن قصد اوغير قصد انه بالاضافة الى تمثيله لحقيبة التعليم العالي والبحث العلمي في موريتانيا فانه ايضا الناطق الرسمي للحكومة ولاشك ان الدول وليدة السياسة.  ام ان الوزير عنده مفهوم آخر!!

  وهل هذا هو رأي الحكومة في الشعر و السياسة؟

  على مدى عقود من الزمن وموريتانيا تفتح في السفارات وتبعث بالسفراء وتنفق الملايين,, وفى الأخير تتفاجأ بأن هؤلاء أصبحوا سفراء حقائب, يقضى الواحد منهم ما شاء أن يقضى في الخارج في ترف منقطع النظير.

    وعندما تحين العودة إلى الوطن تمتلئ الشنط بما غلا ثمنه وخف وزنه, بدليل ما نشاهده الآن على شاشات الفضائيات العربية والدولية من استهزاء وتنكأ بكل ما هو موريتاني.    وهذا ما يوضح تقصير هؤلاء السفراء عن دورهم المنشود في التعريف بالبلد..وهم الذين استنزفوا خيرات هذا البلد عبر عقود.. فيكفي أن نعمل جردا عاديا لرواتبهم وميزانياتهم التي تجاوزت ما وراء البحار على مدى عقود من الزمن, لتتبين مدى خلل التفكير عند هؤلاء ...!!

   ومالشناقطة الجدد الا امتدادا للشناقطة الأوائل مع اختلاف وتنوع في الاختصاص حسب الزمان والمكان!!

ان العلم هو السبيل الوحيد لشحذ همم المجتمع والاستفادة من طاقاته للامحدودة، فهو يعنى التقدم والقوة والرقي ولهذا قامت الدول المتقدمة بتحويل المراكز العلمية والجامعات بها لمنارات للعلم تجذب لها الباحثين والعلماء من كل أنحاء العالم، خاصة الدول الفقيرة والنامية والتي تحولت إلي بلاد طاردة للعلماء والباحثين.. 

     وبلدنا ليس نشازا فهو وان لم يكن طاردا للباحثين بشكل مباشر فهو طاردا لهم بشكل غير مباشر بتهميشهم وعدم الاعتناء بهم والاستفادة منهم!!

بدليل ان اعلى مرتبة علمية في موريتانيا  جائزة شنقيط ماتزال تبارح مكانها وان الفائزين فيها مازلوا خارج اهتمام الدولة ولايجمعهم الا حفل تقسيمها السنوي وقد بلغوا في آخر نسخة لها 2020م، 71  فائزا  في جميع التخصصات  المعرفية: درسات اسلامية- علوم وتقنيات- آداب وفنون..

الى متى تعطل الدولة هذه الطاقات الوطنية العالية ولماذا لاتستفيد منها؟!

https://rimnow.net/w/?q=node/11023

 في مقال بعنوان: سفارة الكتاب بين الكبوة والنهوض:

http://aqlame.com/node/2040

 حاولت ان ابين سفارة الكتاب في تمثيل البلد والتهميش والغبن الذي يعيشه الباحث الموريتاني  في هذا المنكب البرزخي ممايضطره مكرها الى الهجرة..!! 

 ليس من السهل ان يقف المثقف  متفرجا وهو يرى الهيئات العلمية والجامعية تتهاوي امامه وتغوص في المياه الاسنة!!  ولايكون له اي تدخل خاصة وان القيمين على التعليم العالي وعلى رأسهم الوزير نفسه جاء بقوانين واصلاحات لبس لها وجود الا في موريتانيا...!!

وعلى النقيض من مقولة الوزير  فاننا نجد الرئيس السابق  سيدي ولد الشيخ عبد الله يقول: ان موريتانيا لن تحقق شيء الا بالثقافة رغم أنه لم يحقق الكثير للثقافة زمن حكمه القصير.. !!

  ولكن الرجل سجل له التاريخ هذه المقولة التي فشل في تجسيدها.!!