جميل جدا ان نكون مستعدين للحوار دائما مع خصومنا ومنافسينا وان نبرهن اننا نستطيع ان نشرك الاخر في ما حققناه من انجاز لنحرر بذلك انفسنا من السلبية والاستئثار بالغنائم السياسية حتى ولو كانت ثمرتها لنا بموجب قانون اللعبة الانتخابية التي تجعل الفائز يكسب والمهزوم يخسر كل شيئ.
نسوق هذا بين يدي التصريح باننا اعجبنا بالخطوة التي قام بها الرئيس المؤقت لحزب الاتحاد من اجل الجمهورية في التحاور مع المرشح الذي حل ثانيا في الاستحقاق الرئاسي الاخير والذي هو بيرام ولد اعبيدي، كما اعجبنا بقبول الاخير المشاركة في حواره وتقديمه عرضا معينا للمناقشة، وبغض النظر عن واقعية هذا العرض المعلن وانه يتضمن اهم مطالبه وما يمثله في مقابل ما كان سيطلب من المرشح بيرام وهو حضورتنصيب الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني وتهنئته فاننا نرى ان الامر مثل مسعى لاستعادة الثقة والتشاور بين اطراف يكمل بعضها بعضا وهي الاغلبية والمعارضة من جهة ، كما كشف عن توجه جيد لطرح مقاربة جديدة وغير مسبوقة تطور التجربة الديمقراطية لدينا من خلال سعي معارض كبيرام للحصول على منصب الوزير الاول بموجب ما اعلن عنه من ضرورة الاخذ بمبدا التناوب التوافقي الذي طبقه الملك الراحل الحسن الثاني حين اعطى المعارضة حق تشكيل الحكومة بموجب هذا المبدا بهدف احتواء معارضيه وهو ما تجسد في حكومة عبد الرحمن اليوسفي ممثلا لليسار والتي تولت تصريف الامور ما بين 4 مارس 1998 ـ 9 أكتوبر 2002 .
وكل ما يمكننا ملاحظته والتنبيه عليه هو اننا في تجربتنا لديمقراطية نبقى بعيدين من القدرة والاستعداد لاستنساخ النموذج المغربي المعروف "بالتناوب التوافقي" بفرض راس السلطة التنفيذية (الرئيس عندنا او الملك عندهم)منح المعارضة المغلوبة في الانتخاب الحق في تشكيل الحكومة، وهو الامر الذي بات يسعى اليه بيرام من دون ان يكلف نفسه عناء طرح مقترح عملي يبرر الاخذ به واقناع الاخرين به في الاغلبية قبل المعارضة، ومن دون ان يخذ في الحسبان ان اقرار نموذج كذلك يتطلب موافقة نواب الاغلبية لضمان حصول الحكومة المنبثقة عنه على ثقة البرلمان.
ولعل المهم في كل ما سبق الاشارة الى ان ما يطمح اليه بيرام من تناوب توافقي على الطريقة المغربية يعكس القاعدة فيجعل المغلوب (المعارضة) يكسب كل شيئ والفائز (الاغلبية) يخسر كل شيئ(رئاسة الحكومة)، لا يناسب وضعنا حيث يهدد بتفكيك الاغلبية لدينا واعطاء المعارضة مكاسب لا يمكن تبريرها امام الشعب والسياسيين، وان الذي يناسب وضعنا هو تناوب توافقي على ادارة اهم المؤسسات الخدمية مثل التعليم والصحة والنقل والاسكان تسلم بموجبه هذه الخدمات الى المعارضة قي حكومة وحدة وطنية وهي خطوة ستغني بالتاكيد تجربتنا الديمقراطية كما اغنت خطوة التناوب التوافقي من خلال منح المعارضة منصب الوزير الاول للمعارض عبد الرحمن اليوسفي التجربة المغربية .