بعد فرض حظر التجوال على المواطنين من الساعة الثامنة مساءا وحتى الساعة السادسة صباحا والذي تم زيادته بساعتين ليبدا مع الساعة السادسة مساءا بدل الثامنة، توصلت الرقيب بالابلاغ عن جرائم عديدة من اكثر من جهة ومقاطعة، مما جعل وحدة التحقيقات تسعى للتحقيق في هذه الحالات ومعاينة اصحابها للتاكد من صحتها وجمع ما يمكن من معلومات عنها، وبما يهدف الى زيادة تعميق الرؤية حول ملابسات هذه الجرائم ونوعية ضحاياها ومنفذيها فضلا عن دوافعها والنتائج التي ترتبت عليها.
وهكذا كان علينا ان ننتقل الى اكثر من مقاطعة للوقوف عن كثب على الأماكن التي جرت بها تلك الجرائم والتي تنوعت بحسب المكان والفاعل والآلية الموظفة ونوعية الضحايا والأهداف والدوافع.
وعلى عكس المتوقع من ان يوفر الحظر الذي تفرضه قوى الامن على المواطنين لمنع التجول احترازا من انتشار فيروس كورنا، فرصة للقضاء على عمليات الجريمة خصوصا السطو منها، فان هذه العمليات تدل على انها استمرت تحت هذا الحظر مع استغلال اصحابها طرقا مختلفة للقيام بها وتحصيل المتوخى من ورارئها، مع تسجيل ملاحظتين اساسيتين هما نجاح جميع الجناة في تحقيق اغراضهم والافلات بفعلتهم.
ـ السطو مبكرا
من اطرف ما سجلناه من وقائع استغلال بعض اللصوص فرصة المساء قبيل الحظر التي ينشغل فيها ارباب الاسر وافرادها بالخروج من البيت لتحصيل الاغراض قبل اقتراب موعد حظر التجول، وذلك للتسلل الى داخل البيوت ومن بينها بيت تاجر في حي كرفور بعرفات حيث دخله اللصوص في غيابه بساعة قبل دخوله اليه لياخذوا كلما خف لديه من اغراض جمعوها في ثلاث حقائب.
ـ صولة على عرس
حادثة سطو لا تخلو هي الاخرى من طرافة جرت في ظل حظر التجول، حيث وقعت في اليوم الرابع بمقاطعة توجنين، حيث تابع فيها لصوص اسرة لديها عرس لابنتها، وانتظروا حتى نام الضيوف واغلبهم سيدات من اقرباء العروس جئن لحضور مناسبتها من اكثر من مقاطعة بالعاصمة واللاتي فضلن المبيت مع اسرتها على الذهاب الى بيوتهن قبل حلول موعد حظر التجول، وهكذا عمدوا الى سرقة مجموع حقائب السيدات والدخول بها الى حائط مهجور مجاور حيث فتشوها بدقة واخذوا كل ما بها من اغراض مثل النقود والحلي والهواتف فيما تركوا ما حوته فقط من ادوات التجميل.
ـ حيلة بالاستعطاف
حادث سطو نفذته مجموعة على متجر بالقطاع القطاع الخامس من منطقة "ملح" مستخدمة حيلة للايقاع بصاحبه، حيث تقدم اليه من خلف الباب رجل الح عليه بطرقه المتواصل على الباب سائلا ان يفتح له لشراء قطعة خبز وعلبة لبن لطفل مريض، وحين فتح الرجل الباب فاجأته عصابة باشهار الاسلحة البيضاء في وجهه، ليقوموا بتكبيله بقطعة لثام والاستحواذ على ما يريدون من بضاعة ونقود بتمهل بسبب خلو الشارع من المارة بسبب الحظر رغم ان الوقت لا يزال في حدود العاشرة مساءا .
ـ سرقة ضحيتها رجل امن
اسرة رجل امن تعرضت لسطو في مقاطعة دار النعيم حيث تسلل اليها من أخذ جميع هواتف افرادها مع ما وجد معلقا من ثياب رجالية، فيما لم تسلم حقائب الام والبنات من السرقة، وطبعا لم نتمكن من لقاء الجاني لمعرفة ما اذا كان على دراية بان رب الأسرة التي قرر اقتحام دارها بغرض سرقتها هو رجل امن ام لا.
ـ هجوم بغرض الاعتداء
ربما تكون اغرب حادثة تمكنا من تسجيلها خلال هذا التحقيق، تلك التي تتعلق بشاب يعمل باحدى الشركات في حي الاعمال بالميناء والذي اعترضت سبيله عصابة من ثلاثة افراد قبيل سريان الحظر بقليل واعتدوا عليه بالسكاكين ليجرحوه في يديه وساعديه، وقد اكتفوا بذلك عند تدخل بعض المارة ومن دون ان يسلبوه هاتفه ومبلغا من النقود كان في جيبه بما يفيد ان دافعهم لم يكن السرقة، وقد وصل الشاب في سيارة اجرة الى مصحة النجاح على طريق الامل حيث اتصل على ذويه بعد ان ابلغه الطبيب المعاين لحالته بان لديه جرحا غائرا تسبب في قطع احد الشرايين وبما يستوجب عمليه عاجلة.
ـ سطو على مدرسة
من بين حوادث السرقة التي سجلناها أيضا حادث سطو على احد فروع مدارس شمس الدين بعرفات، حيث هاجم الصوص مكتب المدير وعاثوا فسادا في محتوياته، فيما تظل دوافع غامضة لان المدارس في العادة ليست افضل المظنات للنقود.
ـ انتشار وتخصص
ويفيد وقوع العمليات في اكثر من مقاطعة تفشي ظاهرة السرقة في ظل الحظر، وهو ما يحيل الى ان اللصوص الذين نفذوا هذه العمليات لا يخشون رجال الامن، بل انهم كانوا يستخدمون خلو الطرقات من المارة بسبب الحزر للتجرا على البيوت والمتاجر لسرقتها.
كما نفهم من المعطيات السابقة ان السرقة كانت العامل المشترك الابرز في الوقائع المذكورة غير واحدة فقط تم فيها الاعتداء على الشاب في مقاطعة الميناء، كما خلت تلك الوقائع من جرائم الشرف (الاغتصاب) أو القتل، وهو ما يفيد ان اللصوص كانوا يبحثون بالاساس عن نقود او ما يمكن ان يحصلوها به من اغراض ابرزها ما خف حمله من هواتف وحلي وملابس وبضاعة .
مطالب الضحايا
مجموع من التقيناهم من الضحايا طالبوا رجال الامن بتغيير الاستراتيجية الحالية التي ينتهجونها والمعتمدة على التواجد عند منعطفات رئيسية يرفها الجميع وهي الاستراتيجية التي تثبت الحوادث التي تعرضوا لها عدم فعاليتها، وقد طلبوا بدلا من ذلك تسيير دوريات امنية تصل الشوارع الجانبية، وبث العيون واكتتاب الشباب كرجال بوليس سري لمساعدتهم في ضبط الجناة من الشباب بسبب قدرتهم على الوصول الى مجموعات الاجرام والتي غالبت ما تكون من الشباب في سن 17 ـ 35 سنة.
كما اعتبر البعض الاخر من الضحايا ان تساهل رجال الامن مع اللصوص والذين غالبا ما يوقفوه اياما قليلة نتيجة تدخل اقربائهم لديهم او العفو عنهم من قبل ضحاياهم بعد التدخل على اساس قبلي لسحب الشكاية منهم، وهي معطيات تظل مجتمعة تشجع هؤلاء المنحرفين على مواصلة الاجرام وتحفزهم عليه.
وطبعا نخلص نحن الى ان ما هو ملاحظ من ان الجناة قد نجحوا في ما رموا اليه من وراء جرائمهم مع النجاح بالفرار، يفرض على السلطات تكثيف المراقبة بالاحياء التي شهدت هذه الجرائم حيث من المتوقع ان يشجع الجناة ذلك على العودة اليها لممارسة جرائم جديدة بها، وبالتالي السعي لالقاء القبض عليهم والذي سيكون بالتاكيد مفتاحا لتحصيل معلومات عن جناة اخرين واستدادة ما يمكن من مسروقات لديهم لاعادتها لاصحابها
عبد الفتاح مختار / للرقيب