النقل العمومي ..النقطة الأضعف في الاجراءات المتخذة لمحاصرة كورونا

ثلاثاء, 29/12/2020 - 23:35

كانت من ابرز الاجراءات التي حددتها رئاسة الجمهورية قبل ايام الزام الناقلين باحترام العدد الموجود في البطاقة الرمادية، والزام مستخدمي سيارات النقل العام بالكمامة.
غير ان جولة للرقيب في اهم النقاط التي تضم محطات النقل العمومي كانت كافية لمعرفة انه لا يوجد على الأرض تفعيل لهذا القرار، بل أن الموجود عمليا هو خرق فاضح وواضح يتعدى درجة الاستهتار بكلما ما أوصت به الجهات الرسمية بهذا الخصوص حيث  يتكدس الركاب في سيارات الأجرة، ويزدحمون بشكل مثير للاستغراب وحرق الاعصاب في مؤخرة باصات مهترئة تنقلهم  في الصباح الى اعمالهم وفي المساء الى أسرهم حاملين مهم كل مظنات الإصابة المحققة بالفيروس ان وجدت اصابة واحدة بينهم.
جولة الرقيب شملت تتبعا لمحطات النقل الرئيسية في مقاطعات تفرغ زينة والميناء وتوجنين وعرفات وهي: محطة BMD ومحطة اكلينك - محطة كرفور سوق العاصمة - ومحطة ارابيس - محطة صكوكو - محطة الداية السادسة و – ومحطة شتدو - ومحطة الشيارة - ومحطة ارابيس.
وتمثل التحقيق الذي تمحور حول رصد مدى فعالية الإجراءات الجديدة من قبل الرئاسة، في زيارات ميدانية لكل محطة وذلك بمعدل زيارة صباحية ومسائية لكل محطة من المحطات التي شملها التحقيق.
وقد وجدنا ان السيارات تنطلق في اتجاه هذه المحطات صباحا محملة بالقادمين من الأحياء الشعبية والمتجهين إلى أماكن أعمالهم في الأسواق والورش والشركات والمحلات والإدارات الحكوميين، يأتون متزاحمين في السيارة الواحدة بمعدل سبعة ركاب في السيارة الواحدة(ستة ركاب بالإضافة إلى السائق)، وهو معدل يحرص عليه السائق إن نزل راكب قبل وصوله الى المحطة النهائية لخط سيره أن يعوضه براكب جديد.
وقد لاحظنا ان نسبة ثلاثة إلى أربعة من ركاب سيارة الأجرة (أي نصف الركاب) من دون السائق لا يرتدون كمامات أو لثام، وهو ما يؤشر إلى خطورة سيارة الأجرة كعامل لنشر للوباء اذا حملت أي شخص مصاب في طور ابتدائي او متقدم من الاصابة بفيروس كوفيد 19.
ونفس الشيئ بالنسبة للباصات التي يتكدس فيها القادمون من مختلف الخطوط مكممين وغير مكممين، حيث لاحظنا ان نسبة تفوق الثلث  من ركاب هذه الوسيلة الناقلة لا يرتدون كمامات أو يستخدمون اللثام.
وتتكرر رحلة العودة في المساء في نفس الأجواء المستهترة حيث يعود من جاؤوا في الصباح في وسائل النقل العمومي لاستخدامها وفي نفس الظروف السابقة مما يضاعف من احتمالات نشر الإصابة بينهم إلى اعلي معدل ممكن، في ظل عادة ازدحام الركاب في المحطات، وداخل سيارات الأجرة، وعدم ارتداء نسبة تزيد على النصف وأحيانا على الثلثين في بعض الباصات للكمامات.
وتظل الاتوبيسات المنطلقة من محطة اكلينىك في اتجاهات متعددة تشمل توجنين ـ دار النعيم ـ الرياض، المصدر الأبرز المرحج لتعميم اوباء بين الركاب وبعد ذلك اسرهم، ونقله إلى عموم مخالطيهم في المنزل ومكان العمل والمحلات التي يتسوقون منها.
ولدى استطلاعنا لاراء المواطنين، اوضح لنا اكثرهم انهم مجبرين على الذهاب في سيارات الاجرة المزدحمة لعدم وجود بديل آخر، فيما اشار الكثيرون الى طوابير الواقفين على الطرقات في انتظار التحصل على فرصة للذهاب لاعمالهم أو للعودة الى ذويهم وبغض النظر عن طبيعة الظروف بها لاقتراب موعد حظر التجول، وتخوف الجميع من توقف سيارات الاجرة وبالتالي اجبارهم على السير على اقدامهم، والتوقيف من قبل رجال الامن القائمين على تطبيق الحظر.
اما الناقلين فقالوا انهم مجبرين على نقل ستة أشخاص بدل اربعة بسبب ارتفاع سعر الوقود، مشيرين الى ان الحكومة كان عليها ان تستخدم نسبة من اموال صندوق كورونا لدعم سعر الوقود للسائقين حتى يحترمون طلبات الرئاسة بالاقتصار على العدد الموجود في البطاقة الرمادية.
السيدة (م س) اشارت الى انها ممن يخاف جدا من الاصابة ولذلك فهي تضاعف من اجراءات الوقاية بلبس الكمامة واستخدام طرف ملحفتها عند ركوب سيارة الاجرة، مؤكدة انها تقوم بخلع ملحفتها عند الباب وتركها في الشمس في اليوم الموالي قبل استخدامها مرة اخرى، مع المداومة على غسل يديها بالماء والصابون عند العودة الى المنزل.
اما السائق (ا ع) فقد قال انه يعتقد ان اكثر المواطنين لم يحملوا على محمل الجد خطورة الموجة الثانية في موريتانيا من كورونا، حيث يعتقدون انها مجرد طريقة تعتمدها الحكومة لجمع المساعدات وضمان ادراج اسمها على لائحة المستفيدين الاوائل من اللقاح المرتقب.
وفي ظل الوضعية الراهنة، وما يصاحبها من تنقل للركاب في اجواء غير آمنة بالمرة في الصباح، و قلق للركاب من اقتراب موعد الحظر وتركهم على قارعة الطريق لعدم توفر سيارات اجرة، فانه سيكون مطلوبا من اللجنة المشرفة على الاجراءات الاحترازية ضد كورونا باتخاذ اجراءا تخفف مما تمثله وسائل النقل العامة من مصدر لنشر الوباء بصورة مجتمعية لا تنفع معها أي تدابير اخرى.
وطبعا لا بد من ان يشرك في أي اجراءات جديدة  تتخذ في هذا الاطار من قبل اللجنة التشاور مع ممثلين عن السائقين وعن حماية المستهلك، مع قيام اللجنة بصرف ما يلزم من اموال على التدابير التي يلزم اتخاذها على ضوء ما يتبلور من خيارات، والنظر في سبل تحصيل الاموال للصرف عليها والصرامة في تطبيقها، وذلك بتوزيع ما يمكن من كمامات، وبتخصيص نقاط لبيع الوقود المدعوم لاصحاب سيارات الاجرة لان ذلك يظل المفتاح لتطبيق جاد للاجراءات بصورة فعالة بدل الاكتفاء فقط بالاعلان عنها.
محمد احمد الحسن