اقدمت رئاسة الجمهورية على اقالة مجمل المستشارين الذين تم تعيينهم في عهد الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز واحتفظ الرئيس غزواني بهم بعد تنصيبه الى جانب عدد من المستشارين قام بتعيينهم من الفاعلين في حملته الانتخابية او الداعمين له من مشارب سياسية وجهوية وشرائحية مختلفة.
ويجد المتأمل في الخطوة أن التوقيت الذي تمت فيه الاقالة أنه جاء بعد اكثر من عام على استلام الرئيس غزواني للسلطة، وبعد انتهاء التحقيق مع الرئيس السابق وابرز رموز نظامه في ملفات تتعلق بالفساد وسوء استخدام السلطة، وهو ما يعني ان الخطوة كان قد تم اتخاذها منذ فترة وكانت الرئاسة تنتظر (بهدوء ) الوقت الملائم بالنسبة لها للاعلان عنها.
أما من حيث الدلالة العامة للإقالة فيفهم منها ان الرئيس غزواني انتظر بالاقالة حتى تستتب له الامور ويختبر عمليا رغبة المستشارين في العمل معه او اظهار بوادر لدعم الرئيس السابق عزيز في مسعاه وقلة من انصاره السابقين لتحدي استئثاره بالسلطة عنهم بعد أن رفض وصاية الرئيس السابق على الحزب الحاكم او بقائه شريكا له في تدبير السلطة.
كما يعني اقدام الرئاسة على تعيين مجموعة المستشارين المقالين في مناصب رفيعة بدرجة مستشارين في بعض من اهم الشركات والادارات والمجالس أن الرئيس غزواني يريد المحافظة عليهم الى جانبه وقطع الطريق على الطرف الاخر لمحاولة توظيفهم ضد الرئاسة في صراعه المستحكم معها.
ولم تتضح بعد المناصب الرفيعة التي وعد بها اثنان من أبرز مستشاري الرئيس عزيز السابقين والذين تم استثناؤهما من التعيينات الاخيرة لزملائهم من المقالين، ويتعلق الامر بأحمد ولد اباه وازيد بيه ولد محمد محمود، حيث يعتبر الاول بمثابة الصندوق الاسود للرئاسة لاشرافه على اجهزة تصنت وتكنولوجيا مراقبة متطورة استجلبها الرئيس السابق وبما يجعل من عدم الحصافة إغضابه او تركه للطرف الثاني للعمل على استقطابه وتوظيفه، بينما يعتبر الرجل الثاني محسوبا على احدى ابرز المجموعات وزنا من الناحية الديمغرافية من حيث كم الاطر ورجال الأعمال وأصحاب التحويلات من العملة الصعبة الى البلاد، وهي المجموعة التي لا يريد النظام الجديد الذي يقدم نفسه على أنه يحاول إرضاء واستمالة الجميع أن يثير استياءها باقالة احد ابرز أطرها وأكثرهم تقربا من السلطة.
وعلى العموم تظل التعيينات الاخيرة للمستشارين في وظائف بديلة مجرد رسالة طمانة من النظام الجديد لهم ولغيرهم من انصار الرئيس السابق بانه يتجنب الى اقصى حد خلق عداوات جديدة على غرار ما درج عليه سلفه، كما ترمز الى الاعلان عن استلام رجال النظام الجديد لكافة الملفات الحساسة وابعاد غيرهم عنها وبالتالي اعلان استئثارهم الكامل بالسلطة بعد ان فرض عليهم فرضا الانتظار لعام ونصف ليدشنوا هذه الخطوة باقل خسائر ممكنة .