عاد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني قادما من العاصمة الفرنسية باريس بعد زيارة خارجية دامت أكثر من أسبوع، وتميزت بالمشاركة في قمة (كوكب واحد) المناخية وتنظيم لقاءات تشاورية مع عدة أطراف وازنة في المجلس الأوربي وحلف شمال الأطلسي.
ويبدو من الصفة التيدعي باسمها الرئيس (الرئيس الدوري لمجموعة الساحل) وتشكلة الوفد المرافق للرئيس الموريتاني وتوقيت الزيارة ومن مستوى اللقاءات التي واكبتها أنها كانت زيارة سياسية أكثر منها بيئية، وأن المشاركة البيئية اتخذت فقط مبررا لعمل أجندة ثانية تتلخص في تسويق بعض الملفات التي درج الرئيس الموريتاني على طرحها باسم مجموعة دول الساحل التي يتولى رئاستها الدورية وفي طليعة تلك الملفات محو الديون ووضع القوة العسكرية لمجموعة الساحل تحت البند السابع للأمم المتحدة مما يؤهلها للتدخل العسكري في مجالها حين تريد، وكذا تحصيل المزيد من الدعم المالي لإستراتيجية المجموعة الأمنية والتنموية في مجالات محاربة الإرهاب والهجرة السرية.
ويبدو أن الرئيس غزواني حاول من خلال لقاءاته في أوربا أن يحقق هدفين محوريين، يتمثل الأول منهما في إعادة طرح طلبات مجموعة الساحل على أكثر من جهة في مسعى منه لإظهار مدى ارتباطها باستتباب الأمن بمنطقة غرب إفريقيا والمجال المتوسطي، في حين يتمثل الهدف الثاني في تحصيل مؤيدين لضرورة استجابة المجتمع الدولي لهذه الطلبات خصوصا بتوظيف بعض الهيئات الفاعلة كالمجلس الأوربي وحلف الناتو.
في حين يرجح أن تكون لقاءات غزواني الأخيرة انصب الهدف المباشر منها على مواصلة المساعي لدى الاتحاد الأوربي لرفع حجم تمويله لإستراتيجية مجموعة الساحل الأمنية والتنموية وإقناعه بشطب الديون عن دولها أو نسبة كبيرة منها على الأقل، فيما ركز في لقاءاته مع حلف الناتو على دعمه لقضية إدراج القوة العسكرية لدول الساحل ضمن البند السابع وتحصيل التدريب والسلاح من هذه.
من جهة ثانية ستتمثل أبرز نتائج زيارة غزواني لفرنسا وبلجيكا (خصوصا في ظل التعتيم الرسمي على ما تحقق من ورائها) في تسويق صورة ايجابية عنه وعن نظامه الجديد على المستوى الأوربي لإقناع هيئاته الفاعلة الأمنية (الناتو) والاقتصادية (الاتحاد الاوربي) بأنه قد يكون أكثر فائدة لأوربا من حليفها السابق الرئيس عزيز الذي يعود له الفضل في تأسيس مجموعة الساحل وبلورة أهدافها وتركيزها على الشراكة الخارجية لتحصيل التمويل، وذلك من ناحية الافكار والتطبيق العملي لتكريس دور فاعل لمجموعة الساحل في مجمل القضايا الشائكة لمنطقتها.
وعلى مستوى ثان ينتظر أن تصب نتائج الزيارة في جعل فرنسا ومن خلفها الاتحاد الاوربي يقتنعان بأهمية إشراك موريتانيا كحليف رئيسي في مواجهة التطرف والهجرة السرية، والتعويل على دور بارز لها في جعل مجموعة الساحل سندا رئيسيا لاوربا في ملفات التصدي للتطرف الذي يؤثر فيه على مصالحها الاقتصادية بالمنطقة والهجرة السرية التي ما فتات أوربا تعتبر نفسها المتضرر الأول منها.