يعرف المشهد السياسي منذ بعض الوقت حراكا متقطعا للمطالبة بحوار بين نظام الرئيس غزواني والمعارضة التقليدية بجناحيها الموسوم ب(المعتدل) والثاني المصنف (راديكاليا)، وذلك دون تفاعل يذكر بين أطراف المعارضة المنادية به ومختلف المكونات المحسوبة على المعارضة.
ويلاحظ أن الدعوة إلى الحوار جاءت بالأساس من المعارضة وتفاوتت في الصور التي طرحت او ناقشت معطى الحوار بين حيث اقتصرت على وثيقة تقدم بها حزب (تواصل) الإسلامي وحفل غداء نظمه رئيس حلف (التحالف) مسعود ولد بلخير على شرف سياسيين اغلبهم من المعارضة، فيما احتفظ الرئيس غزواني في مقابلاته الصحفية والحزب الحاكم على لسان الناطق الرسمي باسمه على استبعاد حصول حوار سياسي مشيرا إلى استبداله بالية التشاور التي درج عليها الرئيس غزواني من خلال استقبال دوري لمختلف رموز المعارضة.
ويبدو من عدم حماس مكونات المعارضة لبلورة موقف جماعي مطالب بالحوار وتخلف أطرها التقليدية مثل (منتدى الديمقراطية والوحدة) عن قيادة مسعى جاد في هذا الاتجاه ان المعارضة تشهد انقساما حول الموضوع، ربما يفسر برغبة أكثرها الإبقاء على جو الانسجام الذي طبع علاقتها بالنظام منذ وصول غزواني الى السلطة واستقباله لقياداتها بشكل انفرادي أسس لعلاقة ثنائية بين الرئيس ورئيس كل حزب على جهة،واجراء لقاءات دورية بين أحزاب الأغلبية والأحزاب المعارضة الممثلة في البرلمان.
كما يظهر من قراءة مجمل المشهد السياسي تجنب أبرز أحزاب المعارضة التقليدية للدخول في مواجهة مع النظام رغم بيانات لها طبعتها حدة في بعض الأحيان لتواصل والتكتل من أهم قضايا الساعة مثل حراك كل من سكان تيفيريت ومهندسي امبريه والتسجيل في الجامعة وارتفاع الأسعار..الخ، حيث اقتصرت على البيانات ومن دون ان تطور موقفها إلى آليات احتجاجية اقوي كالمسيرات والمظاهرات والمهرجانات.
كما يبدو من مجمل مواقف النظام انه يحاول الاستفادة من الوقت حيث يكتفي بمراقبة مسار ومآلات الدعوة التي أطلقتها أحزاب معارضة للحوار، على ان يتخذ موقف لاحق منها في حالة ما نجحت في تحقيق توافق مستبعد بين أقطاب المعارضة عليها، والتي يراهن على ان تفاصيل تشكلة الإطار المهيأ لحراك في اتجاه فرض الحوار مع المعارضة ومجالاته لن يتم الاتفاق عليها بسرعة بما دشه من أجواء انفراج طبعت علاقة النظام مع المعارضة.
وعلى العموم يتوقع أن لا تتهيأ ظروف مناسبة للحوار بين المعارضة والنظام إلا إذا استعادت أحزاب المعارضة زمام المبادرة من النظام في تحديد وقت لقاءات بها ومواضيع النقاش بينهما. على ان يرتبط ذلك بانضمام أحزاب (التكتل ) و(اتحاد قوى التقدم) و(الصواب) و(إيناد) الى (تواصل) في مطالبته بالحوار وتشكيل إطار تشاوري يجمعها وبعض القوى المدنية الأخرى للضغط في اتجاه فرض الظروف الممهدة للحوار بتحديد أهم المجالات التي سيتناولها وتوظيف علاقات قوى المعارضة مع النظام وسفراء الدول الغربية لجعل هذا الأخير يستجيب له ويلتزم بتطبيق ما يسفر عنه من نتائج خصوصا وانه ينتظر ان يكون من ابرزها تنظيم انتخابات بلدية وتشريعية سابقة لاوانها تبدو حظوظ المعارضة انسب فيها من سابقتها التي نظمت في عهد عزيز و تحصلت فيها على نتائج كارثية ومحبطة(تحصل التكتل رغم عراقته على 3 مقاعد برلمانية)، وان كان لا يتوقع ان تكسر سيطرة الحزب الحاكم على الجمعية الوطنية والمجالس الجهوية.