حملت الخطوات الأخيرة التي أعلنت عنها وزارة الصحة تجاه القطاع الخاص دلالات على التراجع عما كانت قد ابدته من تشدد في وعود الإصلاح التي كانت قد قطعها الوزير نذير منذ مجيئه والتي ترتكز على التصدي لبيع الأدوية المزورة، وتنظيم قطاع الصيدلة وتحسين جودة الخدمات الصحية للمؤسسات العمومية وانهاء التسبب الذي يطبع رسوم العلاج في المؤسسات الخصوصية. ويبدو من مجمل المؤشرات وجود تعثر في إنجاز الوزير لوعوده السابقة..حيث صبت مجمل القرارات المعلن عنها مؤخرا لمحاباة الفاعلين الخصوصيين في قطاع الصحة في اتجاه اعادة هيمنة هؤلاء الخواص على القطاع وبشكل يتجه إلى التمكين لهم أكثر من السابق عليه. وشملت خطوات التراجع المذكور الوزير إفساح المجال للخصوصيين لاستيراد الدواء؛ واستفادة المؤسسات الخاصة بحسب أسعارها من تعويضات صندوق التأمين الصحي. ويبدو من مجمل المعطيات السابقة ان الوزير نذير قد ارتدت عليه إجراءات تنظيم قطاع الصيدلة وقصر استيراد الدواء على شركة كامك بصفة عكسية أدت إلى رفض المؤسسات الفرنسية بيع الدواء لها لعدم قدرتها على السداد وبما اثر على وجود الأدوية في السوق بعد نفاد مميزاتها تباعا واضطرتر الأطباء إلى كتابة أدوية بديلة لأهم ما درج الأطباء على كتابته من وصفات. كما يبدو أن المأزق الذي وجدت الوزارة نفسها فيه قد دفعها لمغازلة الخواص لفتح الباب أمامهم لإدخال الأدوية وهو حل بديل لقيام وزارة الصحية بدفع شركة كامك لتسوية ديونها مع المختبرات الفرنسية. وتبقى الاجراءات المتمثلة في توسعة نظام الاستفادة من تعويضات التأمين الصحي لتشمل القطاع الخاص باسعاره، والتراجع عن توحيد اسعار الاستشارات الأطباء في المؤسسات الخصوصية مع المؤسسات العمومية مجرد مكافأة دفعتها وزارة الصحة عن طيب خاطر للخواص أسقطوا على أزمة كامك البنيوية والوظيفية. ويبقى السؤال هو ..اذا كانت الوزارة قد بدأت مسلسل التراجع عن شعاراتها لإصلاح قطاع الصحة بهذه الخطوات، فما ينتظر منها حين يدرك الخواص أنهم هم من انقذ سوق الأدوية وسعوا لتكريس مزيد من هيكناهم على القطاع لزيادة أرباحه وعائداتهم من تجارته.