أثار بيان أصدره حزب تواصل الجمعة الحزب الحاكم الذي رد بسرعة وبلهجة أعادت إلى الأذهان بقوة حقبة الملاسنات بين المعارضة ونفس الحزب على فترة الرئيس السابق عزيز والتي جرى التخلي عنها فيما انصرم من المأمورية الحالية للرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني.
ويبدو أن ما أثار حفيظة الحزب الحاكم أكثر من أي شيئ في بيان تواصل، هو موضوع الأسعار الذي ركز عليه البيان منتقدا سياسة الحكومة في هذا المجال، ومتخذا من فشلها في تثبيت الأسعار ودعم القوة الشرائية مدخلا للتعريض نظام ولد الغزواني، وإخفاقه في التصدي لأهم ما يؤرق المواطن البسيط الذي أصبح - بحسب البيان - عاجزا عن تحصيل قوته اليومي.
وينظر إلى أن قسوة لهجة الحزب الحاكم - في رده على تواصل - أنها كانت بالأساس من أجل التصدي للأثر الذي قد يتركه البيان بلفت الانتباه إلى الأسعار المتصاعدة منذ فترة، وتوظيف ذلك لحشد دعم جماهيري للحزب الإسلامي الذي يجهد منذ مدة لملإ الفراغ الذي خلفه غياب المعارضة الراديكالية عن المشهد السياسي بسبب المصالحة التي دشنها معها نظام غزواني، وذلك على أكثر من صعيد شمل حتى الآن محاولات تواصل التنسيق لإطار معارض جديد يشمل معه حزب "التحالف" وحزب "الرك" المرخص له حديثا و"تجمع العيش المشترك" الذي يضم مجموعة من القوى المدنية الزنجية.
ويعتقد مراقبون أن حزب تواصل ربما يكون نجح – من منظور ما شاب بيان الحزب الحاكم من حدة - في تحقيق أبرز هدف خطط له وهو جر الحزب الحاكم إلى المخاصمة معه وإفقاده الوقار الذي ما فتأ يتدثر به خطابه منذ تدشين نظام غزواني المصالحة مع المعارضة وتأكيده على الدعوة للالتزام بالتهدئة معها من خلال الحرص على التواصل معها حيث درج على استدعاء قياداتها، واشراكها في أطر سياسية تضمها وأحزا الأغلبية في ائتلاف (الأحزاب الممثلة في البرلمان) قبل ان ينسحب منه حزب "تواصل".
كما يعتقد أن تواصل بات يخطط الآن للخطوة التالية وهي تطوير التصعيد ضد النظام ليأخذ شكل سجال مستمر مع الحزب الحاكم وذلك بهدف إحراج النظام أمام الشعب وبما يهدف من ورائه لجر أحزاب المعارضة لتكون مجبرة على الاختيار بين مناصرته في خطه المعلن لإثارة قضايا المواطنين الرئيسية ومعركته مع النظام على هذا الأساس او حرقها جميعا ووراثة قاعدتها من المناضلين والجماهير، وذلك في توقيت محسوب قصد له "تواصل" أن يكون قبل انطلاق التشاور المرتقب بين مختلف المكونات السياسية والمدنية والذي من المنتظر أن يفضي إلى انتخابات سابقة لأوانها خصوصا على المستويين التشريعي والبلدي، والتي يبدو أن الحزب الإسلامي قرر التحضير والاستعداد لها مبكرا ومنذ الآن بهذه المواجهة التي يحاول منذ بعض الوقت جر الحزب الحاكم إليها جرا دون ان يوفق في مراميه البعيدة من وراء ذلك قبل البيان الأخير.