مما يحز في النفس ويبعث بعدم الراحة والطمأنينة، ما نشاهد في الأسواق الوطنية، من ارتفاع مذهل في أسعار المواد الاستهلاكية، إلى درجة غير مسبوقة، لا توصف إلا بالجنون الحاد والارتفاع الصاروخي، الأمر الذي أصبح يعكر صفو كثير من المواطنين مطالبين من السلطات العليا وضع آلية لرقابة الأسواق واتخاذ إجراءات ملائمة، لتخفيف ما يقع من ارتفاعات متكررة، في مختلف أسواق البلاد.
حاولت حكومة ولد بلال، في الأشهر الماضية تخفيف الأسعار بنسبة ضئيلة، وهو ما كان مثار جدل بين التجار والمواطنين، بخصوص التخفيض الذي تمت مواجهته من قبل كثير من التجار، بالرفض التام مما أرغم إدارة حماية المستهلك على فرض الباعة بالبيع بالأسعار المعلنة، من قبل الوزارة وهي الخطة التي لم تلق آذنا صاغية للاستماع إليها وتجسيدها على أرض الواقع، من أجل أن تنعكس إيجابا على المواطنين البسطاء.
لا يزال المواطن البسيط يكابد ويسارع الزمن، من أجل الحصول على لقمة عيش بكثير من المشقة وشح الأنفس، في ظل موجة أسعار مرتفعة إلى درجة كبيرة وبشكل سريع أسرع من انطلاق النار في الهشيم، يواجه كثيرا من الأعطال القوية المتمثلة في قلة الدخل وضعف القوة الشرائية وندرة الأعمال، بالإضافة إلى الغريزة المزروعة في أغلب سكان الجمهورية الإسلامية الموريتانية، المتمثلة في الاتكال وقلة النشاط النفعي أو الربحي على حد السواء.
يرى المتتبعون لساحة الأسواق الوطنية، أن كثيرا من التجار يعيدون أمر ارتفاع الأسعار إلى عوامل من بينها زيادة كبيرة في أسعار الشحن على المستوى العالمي وانتقالها من 5000 دولار إلى 18000 دولار بالإضافة إلى موجة وباء جائحة كورونا، التي سببت التوقف لكثير من المصانع وشركات النقل في مختلف دول العالم، من ضمنها شركات شحن كبيرة قلصت عمالها، ويشير بعض المهتمين بالأسواق العالمية، إلى أن من العوامل المسببة للارتفاع الندرة الحاصلة، في الحاويات على المستوى العالمي.
بينما رأى آخرون أن الارتفاع لم يكن لهذه الأسباب، مبرزين أن من بين الأشياء الاستهلاكية مواد تنتج في موريتانيا غير مستوردة ولا مشحونة، وفي الحقيقة وصلت إلى أسعار غاية في الارتفاع الصاروخي المذهل، مما يعطي صورة واضحة أن رجال الأعمال هم من يقفون خلف ما يقع في الأسواق الوطنية، يبيعون بما تسول لهم أنفسهم، دون رقابة حكومية تنصف البسطاء والفقراء والضعفاء.
أحدث الارتفاع الحاصل في أسعار المواد الاستهلاكية، موجة من السخط اتسعت رقعتها بشكل واسع، في مختلف ولايات ومقاطعات الوطن، أدت إلى نغمة غير مسبوقة على حكومة ولد بلال، بسبب ارتفاع المواد الأولية، حتى خرجت عن السيطرة وأصبح الحصول عليها ضربا من الخيال، نتيجة لغلاء الثمن الأمر الذي جعل المواطنين في حيرة من أمرهم، مطالبين بحكومة قوية، تقف في وجه زوبعة الارتفاع وترسم خططا حكيمة ورشيدة تمكث في الأرض وتنفع الناس.
أحمد ولد طالبن